رسالة إلى الذين يقتلون المسيحيين بإسم الدين
رسالة إلى الذين يقتلون المسيحيين بإسم الدين!
يا من تقتلون المسيحيّين!
إنّكم علّة بين أبناء جلدتكم، فهم ليسوا جميعهم مثلكم، ولا يرضون بما تفعلون.
بالله عليكم، ليس نصارى المشرق – كما تحلو لكم تسميتهم-كفّارا ضالّين. بل هم يؤمنون بالسيد المسيح وأمّه. ليس مسيحيّو سورّيا ومصر والعراق بذمّيّين ولا بمستأمنين. فالذّمّيّون هم مَن بينكم وبينهم عَقدُ ذمّة والمسيحيّون المشرقيّون ليسوا كذلك.
ليس مسيحيّو سورّيا ومصر والعراق بمُعاهدين. فالمُعاهدون هم مَن بينكم وبينهم عهد على ترك القتال؛ والمسيحيّون المشرقيّون لم يعتدوا عليكم يوما وثقافتهم ثقافة سلام، ولا هم معكم في حالة قتال.
ليس مسيحيّو سوريّا ومصر والعراق بمُستأمنين، فالمستأمنون هم من دخلوا بلادكم بأمان للعمل والتّجارة والزّيارة. والمسيحيّون المشرقيّون لم يدخلوا بلادكم أصلا، بل هم من صُلبها وجذورها منذ مئات السّنين. فالسّريان هم سكّان سوريا الأصليّون ومنهم قد اشتقّ اسمها، والكلدان والأشوريّون هم سكّان العراق الأصليّون.
فقتلهم هو قتل ستمائة سنة من الحضارة المسيحيّة قبل مجيئكم. والأقباط هم سكّان مصر الأصليّون، ومنهم تحدّر اسمها في اللغة القبطيّة واليونانيّة واللغات الأجنبيّة… فإن كانت حربكم ضدّ الطّغاة أو المغتصبين فليس مسيحيّو سوريّا طغاة أو مغتصبين. رسالة إلى الذين يقتلون المسيحيين بإسم الدين
إنّهم أهلكم وإخوانكم وشركاؤكم في اللغة والعيش والوطن والمصير، فاتّقوا الله فيما ترتكبون! ألم يقل دينكم “من قتل نفسا عن غير حقّ فقد قتل الإنسانيّة”؟
أما حرّم فقاهاؤكم حتّى قتل المُعاهدين واعتبروه معصية وكبيرة من كبائر الذّنوب؟ ألم يروِ البخاريّ نقلا عن عبد الله بن عمرو العاص: أنّ “من قتل مُعاهدا لم يرح رائحة الجنّة…”؟ فكم بالحري قتل أهلكم وإخوانكم في المواطنة والإنسانيّة!!!
لا أريد أن أخاطبكم بنمق الكلام كمن يخشى خدش مشاعر حوار عقيم قد يقتصر على المكايسة والمداهنة، كما لا أرغب بأن أكلّمكم بدبلوماسيّة رجال السّياسة ودهائهم كمن يخاف على موقعه أو ناخبيه.
بالله عليكم، كفوا عن خطف الأساقفة و قتل الكهنة
أوَ ما قرأتم تلك الآية من كتابكم: “وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ” (المائدة: 82)! كفّوا عن فهم دينكم بطريقة خاطئة. كفّوا عن شرحه بنمط استنسابيّ! وإلاّ تحقّق فيكم قول ابن سينا الشّهير: “بُلينا بقوم يظنّون أنّ الله لم يهد سواهم”.
نحن وإياكم أبناء العائلة البشريّة الواحدة، وإلهنا الواحد والوحيد هو الله الذي نعبد. فهو ربّنا وخالقنا ومخلّصنا ومحيينا وحبيبنا وطريقنا وحقيقتنا وحياتنا ورجاؤنا… كلّنا أبناؤه وجبلة يديه وهو لا يميّز بحبّه بين إنسان وآخر بل يحبّنا جميعا ويريد خلاصنا جميعا. فمن خوّلكم أن تنحرونا باسمه وتقتلونا وتشرّدونا وتفجّروا كنائسنا وبيوتنا وتخطفوا أساقفتنا وتقتلوا كهنتا ورهباننا في بلاد شاءها الله لنا ولكم كي نعيش فيها بأمان وتآخٍ ومحبّة.
أَوَ ماذا سيكون موقفكم لو قرّر الغرب المكروه من قِبلكم، أن يعامل أبناء دينكم بالمثل، أولئك الذين هجَروا دياركم واتّخذوا من بلاد الغرب ملاذا لهم هروبا من أوصوليّتكم الشّعواء؟
بل ماذا سيكون موقفكم لو طردت أميركا من ولاياتها جميع إخوتكم وأبناء دينكم وكذلك فعلت فرنسا وهي تأوي الملايين منهم ثمّ إنكلترا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا وسائر الدّول التي تعادون، فماذا تفعلون؟ أين تضعونهم، فهم أكثر عددا من إخوتكم المتواجدين الآن في دياركم. لكنّي والحقّ أقول، إنّ الغرب يحبّهم ويضمّهم تحت جناحيه ويعطيهم كلّ حقوقهم التي تتوافق وثقافته الرّاقية، وذهنيّته المنفتحة، وقوانينه الحديثة؛ ويمنحهم حريّة دينيّة واسعة النّطاق ما كانوا ليحلموا بنظيرها لو مكثوا فيما بينكم.
اتقوا الله! إنّ إلهنا إله سلام لا إله حرب
فآلهة الحرب قُتلت جميعها في عصر الفراعنة وأزمنة الفينيقيّين واليونانيّين والرّومان. إنّه إله حبّ لا إله حقد. فالآلهة الحاقدة ماتت في حقدها منذ آلاف السّنين.
وهو إله مصالحة لا إله فتنة، فآلهة الخلافات الدّامية قد التهمتها نيران الحقيقة السّاطعة فوق جبال التّاريخ، منذ ردح من الزّمن. ما أحوجكم اليوم إلى حكمة الإمام علي بن أبي طالب حين قال: “إن كان لا بدّ من العصبيّة، فليكن تعصّبكم لمكارم الأخلاق ومحامد الأفعال”.
سامحكم الله! إنّ عيسى هذا الذي يكرّمه كتابكم، وتضطّهدون أتباعه، قد علّمنا أن نحبّكم ونغفر لكم لأنّكم لا تدرون ماذا تفعلون.
الأب فرنسوا عقل ر.م.م
مواضيع ذات صلة
- الكثير من البشر خارجها إنسان وداخلها وحوش مفترسة
- أيها المسيحيون حافظوا على أرضكم فهي مجبولة بدم شهدائكم
- رسالة إلى الذين نقلوا حروب الآخرين إلى وطن الأرز لبنان
- التهديد حقيقي للوجود المسيحي في بلدان عديدة من العالم العربي
شهادة ثلاثة مسلمين تركوا الإسلام وعبروا إلى نور المسيح
المعنى العميق للكلمات السبع الأخيرة ليسوع المسيح على الصليب
تقنيات إدارة الاكتئاب للوقاية من الانتحار: أفضل الممارسات
أقوال القديس أنطونيوس الكبير عن الحياة والإيمان
صلاة طلب معونة الله عند التجارب والمحن
شكرا يا رب على نعمك التي لا تعد ولا تحصى
لقـــــــاح ضـــــــد كــــــورونا فيــــــروس